مدن الملح : الاخدود ، عبدالرحمن منيف

اليوم الاسود يوم جيتنا وشفناك /واليوم الابيض يوم تعطينا قفاك

الاخدود هي الجزء الثاني من مدن الملح ، اذا اردت اختصار هذا الجزء بكلمتين فاقول “الطمع والسرعة” ، هذه الرواية سريعة جدا ، حتى الاجزاء فيها قصيرة وقليلة الصفحات ، يحاول فيها عبدالحمن منيف ان يبين فيها الامور من كل النواحي ، وبما انه هناك الكثير ليقال فهو ينتقل بسرعة بين الشخوص والاحداث ، وكل منهما كثيرة ومتداخلة احيانا ، ربما اراد منيف ذلك ليبين ماهية الامر من اكثر من زاوية ومنظور .

يقوم عبدالرحمن منيف في هذا الجزء بالانتقال الى عاصمة السلطنة “موران” ، لذلك هناك عدد كبير من الناس يأتون من اكثر من مكان ، سواء الطبيب “صبحي المحملجي” القادم من حران ليصبح مستشار السلطان الجديد (خزعل) او من رافقه من هناك ، او حتى من طلب منهم المجيء من الشام او سواها ، وغيرهم هذا غير سكان موران الاصليون ، لذلك هناك الكثير ليقال ، والكثير يحدث ، وفي ما يقارب ال600 صفحة يتحدث منيف عن هذه الامور ، ولذلك فاحيانا تبدو هذه الانتقالات السريعة مضجرة لكنها حقا هي الطريقة الوحيدة لبيان الامور والتغييرات التي تحصل للناس والسلطان نفسه .

يتحدث منيف عن هذا السلطان الجديد محب النساء والساذج احيانا ، يتحدث عن الطبيب الشامي الذي وصل حران صدفة وانتقل منها الى موران ليصبح شخصية مهمة جدا ومقربة من السلطان الجديد ، عن حماد الرجل الموراني المهمش الذي يتحول الى مدير المخابرات او ما سماه “جهاز الامن والسلامة” ومن ثم وزير داخلية ، ايضا يتحدث عن مطيع القادم من الشام ايضا والذي يصبح ما يشبه وزير اعلام بانشائه الصحف والمجلات هو والصحفي المصري “سمير قياصر” اليساري السابق الذي اصبح يعرف المال ولا شيء غيره ، ايضا عن شمران وصالح الرشدان وغيرهما ممن كره الدكتور والموران الجديدة وسلطانها وعانا حين عبر عن كرهه لهذا التغيير والذي اصابه منه ، ومالك الفريح الذي يشبه وزير المالية البخيل ، وراتب ووداد وغزوان ابن الطبيب …

الفرق بين هذا الجزء و سابقه ان الشخوص هنا متغيرة وثابتة بالرغم من ذلك ، فمن يظهر في هذا الجزء لا يختفي حتى اخر الرواية ، وان اختفى نتيجة لاسهاب منيف بالحديث عن امر معين فهو يعود لاحقا .

يعبر منيف عن الطمع الواقع في قلوب الناس من كل النواحي والدرجات الاجتماعية ، حتى يصل الى عائلة السلطان واخوته الذين ينقلبوا عليه حال خروجه من السلطنة ليحتفل بزواجه بابنه الطبيب المحملجي ذات ال15 عام !

___

1- الاقتباس في البداية هو شعر كان يغنيه صالح الرشدان بمرافقة طبله في اجتماع للطبيب مع وفد امريكي ليسبب له الحرج

2-يحضرني هنا ان موران اسمه استخدمه منيف في روايته “الان هنا” او شرق المتوسط من جديد لتكون مملكة موران هي الدولة التي يتواجد فيها عدد من السياسيين اللاجئين او المنفيين ربما للعلاج

هذا المنشور نشر في ورق وكلماته الدلالية , , , , , , . حفظ الرابط الثابت.

أضف تعليق