في الحقيقة توقفت منذ فترة طويلة عن كتابة مراجعات لما اقرؤه لاسباب لا رغبة لي بذكرها، مع ذلك فان كتب مثل المذكور اعلاه تدفعك لان تتحدث عنها ما دمت ترى غير ما يراه السواد الاعظم من الناس…
المهم
يبدأ الكتاب باثارة استيائي من غلافه، فكتاب عنوانه “قواعد العشق الاربعون” ويكتب اسفله مباشره على الغلاف “رواية عن جلال الدين الرومي” تدفعك الى استسخاف الكاتب -باقل تقدير يعني- فانا لا تستوعب فعلا كيف تثق الكاتبة بنفسها الى هذه الدرجة، يعني عنجد تشعر لوهلة وكانها اتت بما لم يخطر على قلب بشر وحشرت حياة الرجل الحكيم في 500 صفحة حيث ستفهمه وتفهم فلسفته في العشق التي طالما سمعت عنها.
طيب مش مشكلة نتعدى الغلاف بقى؛ بعد كم صفحة يخطر ببالي السؤال التالي، منذ متى اصبح اسلوب القفز الزمني وحتى ضمن الشخصيات احدى ضرورات الرواية الحديثة؟ يعني بجد المسألة متعبة ومملة غالباً، ناهيك عن انه يعني وجود الكثير من الحشو الفارغ غالباً. لذلك عندما سألت اصدقائي ممن قرأوا الرواية جميعهم اجابوا بانهم قفزوا عن الاجزاء المتعلقة بالسيدة “ايلا” وحبيبها “عزيز” وكذلك سولت لي نفسي. اذا تعدينا مسألة القفز الزمني المليء بالحشو، ستجد ان الرواية تتأرجح ما بين شمس تبريزي وجلال الدين الرومي، واذا وضعنا جانباً سؤال كم من الاحداث تاريخية وحصلت فعلاً، فاننا سنجد انفسنا امام كتاب يتحدث عن شمس اكثر من الرومي، وحتى لو اخذنا بالاعتبار ان شمس يتحدث عن الرومي -احيانا وليس غالبا- ففعليا المحرك الحقيقي في الرواية هو شمس، حتى انه هو المؤثر على “مولانا” وسبب التغيرات العظيمة الحاصلة له، ايضاً اذا تجاوزنا الشخوص ومركزيتها فاننا من الصعب الا نعلق بانه اذا كان من الواجب وضع عنوان ثانوي للرواية فانه من الاجدر ان يكون “رواية عن فلسفة العشق/دين العشق…” لا رواية عن الرومي ليس لشيء الا لأنه بنظري ظلم اكثر من غيره بمدى سطحيه طرح ما لديه.
المسألة الاخرى فكرة الاربعون قاعدة للعشق، عندما قرأت الرواية ابدا لما يخطر لي ان المؤلفة فعلا ستعدد 40 قاعدة للعشق، ان المسألة جدا “كيتيشيه”، فكرة ان تعدد قواعد للعشق، ثم لماذا 40 قاعدة؟ لماذا ليست مئة؟ ليست خمسين؟ او 7 حسب الرقم المقدس في الاسلام؟ لماذا ليست 99 بعدد اسماء الله الحسنى مثلا؟ انت لا تفهم حقاً ولم استطع ان اعرف من اين اتت الكاتبة بهذه القواعد، وفوق كل ذلك فانها قواعد سطحية لا يمت اغلبها للعشق بصلة بل هي اقرب الى قواعد حياتية مثلها مثل القصص التي يسردها شمس تبريزي مقتبس بعضها من الكتب الانجليزية المقتبسة بدورها عن الثقافة الشرقية (اقصد بذلك ثقافة البوذية والزن). وبالرغم اننا لا نستطيع ان نجبر الكاتبة(التركية الاصل) على “دحش” روايتها بمقتبسات واثار لشخوص صوفية عربية (مثل ابن عربي او الحلاج او عمر بن فارض) لكنه كان من الاجدر على الاقل الاطلاع على هذا الارث وما لدى الرجال من حديث عن هذا المدعو “عشق”، لكنك حقاً لن تشعر بذلك، وهو مستفز لي على المستوى الشخصي يعني !
طيب شو ضل كمان؟
اه خاتمة الكتاب والشكر والشسمو، يا جماعة ان يشكر الكاتب جميع من ساعدوه يعني انه يشعر انه خرج من بين يديه قطعه الماس -اسم الله- بما معناه ثقة كبيرة، وهذا على اقل تقدير لا يجوز لمن يعتبر نفسه تعلم على ايدي الصوفيين حتى استطاع ان يكتب عنهم.
بالنسبة لي فان الرواية هي مثال على تعددية واتساع مستويات واشباه “احلام مستغانمي”، الكثير الكثير من السطحية واللغة الناعمة وعدم الدقة ناهيك عن الاتكاء على التاريخ للتغرير بالقارئ كلها مستويات متقدمة من “الاحلامو مستغانمية”.
السؤال الوحيد الذي كان يملأ رأسي مع كل صفحة، ماذا لو كتب امين معلوف عن جلال الدين الرومي؟